ليلة القدر: الليلة التي تفوق العمر
مقدمة
في جوف الليل، حين يسكن الصخب وتهدأ الأصوات، تأتي ليلة القدر لتحمل معها السكينة والرحمة والمغفرة. هي ليلة “خير من ألف شهر” كما ورد في القرآن الكريم، ليلة تتنزل فيها الملائكة والروح بإذن ربهم بكل أمر، ليلة يحياها المؤمنون بالدعاء والتهجد والتقرب إلى الله.
أهمية ليلة القدر
سميت ليلة القدر لعظم قدرها. إنها ليلةٌ عظيمة الشأن. أنزل الله عز وجل فيها كلامًا وكتابًا عظيم القدر.
عن طريق ملكٍ عظيم القدر. إلى نبيٍّ عظيم القدر في ليلة سميت ليلة القدر.
“وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ”
عبادة في ليلة واحدة تفوق العبادة في ٨٠ سنة وأكثر. تخيل ذلك، فضل الله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. الله خلق الشهور، وميز بعضها، وخلق الأيام، وفضل بعضها، وخلق الساعات وكرم وشرف بعضها وخلق الناس وميز وفضل بعضهم. خلق الله.
الله عز وجل يختار ويصطفي من خلقه ما يشاء، اختار هذه الليلة لتكون أعظم ليلة في السنة. بعض العلماء يقولون أنها تنتقل.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “التمسوها في العشر الأواخر، التمسوها في السبع البواقي، التمسوها في الخمس البواقي”.
وكان يوصي أصحابه بليالي الوتر: ٢١ و٢٣ و٢٥ و٢٧ و٢٩. كل هذه الليالي الوتر، إياك يا عبد الله أن تفوتها، فإن ضاعت عليك بعض الليالي، لا تجعلها تفوتك من الوتر.
أحرص على العشر كلها، فإنك ستصيب ليلة القدر. من فضل تلك الليلة، ومن أجرها العظيم، أن الله عز وجل أنزل فيها أعظم الكتب وأشرف الكتب، إنه كلامه، القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هي المعجزة الخالدة، جعل الله أول نزوله إلى السماء الدنيا في ليلة القدر.
“إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ”.
تنزل الملائكة والروح فيها، بإذن ربهم، من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر. في تلك الليلة، يا الله ما أشرفها من ليلة. تعرف عدد الملائكة الذين ينزلون إلى الأرض كم جاء في بعض الأحاديث. في صحيح الجامع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “عدد الملائكة التي تتنزل في هذه الليلة كعدد الحصى في الأرض”. تخيل، كم عدد الحصى في الأرض؟ رقم فلكي، لا يمكننا أن نتصوره، فالجبال تبنى من الحصى، وهناك حصى تحت البحار، وهناك حصى في الصحاري، حصى يمتلئ بها الأرض كلها، هو عدد الملائكة التي تنزل إلى الأرض في تلك الليلة.
ليلة مباركة، ليلة لا شر فيها، ليلة يقدر الله فيها الخير والسلام والرحمة لهذه الأمة، ولكل العباد. تخيل يا عبد الله أن في ليلة القدر، أناس يعتقهم الله عز وجل من النار، وأناس يسلمهم الله من الشر، وأناس يقبلهم الله عز وجل.
دعاء ليلة القدر
ليلة القدر هي ليلة مباركة يتحراها المسلمون في العشر الأواخر من رمضان، وهي خير من ألف شهر كما ورد في القرآن الكريم. يُستحب فيها الإكثار من الدعاء والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، ومن أشهر الأدعية التي يُستحب ترديدها في هذه الليلة دعاء:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها.
وقد وردت أحاديث كثيرة تبين فضل ليلة القدر وما ينبغي على المسلم فعله فيها. من هذه الأحاديث ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه
، وهذا يدل على عظمة هذه الليلة وأهمية اغتنامها في العبادة والدعاء.
كما وردت أحاديث تدل على أن ليلة القدر تأتي في العشر الأواخر من رمضان، وأنها تكون في الوتر منها، وهناك تأكيد على التحري والبحث عنها في هذه الليالي.
ومن الأدعية الأخرى التي يُستحب الدعاء بها في ليلة القدر ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية، مثل:
“ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”، و"رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب"،
وغيرها من الأدعية التي تعبر عن التضرع والرجاء في قبول الأعمال والتوفيق لما فيه خير الدنيا والآخرة.
في هذه الليلة، يُستحب أيضًا قراءة القرآن والتدبر في آياته، والإكثار من الذكر والتسبيح والاستغفار، والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للنفس وللأهل والأحباب والمسلمين جميعًا بالخير والمغفرة والرحمة.
ويجب على كل مسلم أن يتحرى ليلة القدر بنية صادقة وقلب متوجه إلى الله، راجيًا منه تعالى أن يتقبل منه صالح الأعمال، وأن يعتق رقبته من النار، وأن يجعله من عتقائه من النار في هذا الشهر الفضيل. والله أعلم بالصواب وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الآيات القرآنية وسورة القدر
تتحدث سورة القدر عن ليلة القدر بأسلوب بلاغي رائع، حيث تصف السورة هذه الليلة بأنها أفضل من ألف شهر، وأن الملائكة والروح تنزل فيها بإذن ربهم لكل أمر.
الأحاديث عن ليلة القدر
ليلة القدر هي ليلة مباركة تأتي في العشر الأواخر من شهر رمضان، وقد وردت أحاديث كثيرة عن فضلها وعلاماتها. إليك بعض الأحاديث النبوية الصحيحة التي تتحدث عن ليلة القدر:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن قامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمانًا واحْتِسابًا غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ)
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذَا دَخَلَ العَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ المِئْزَرَ)
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (إنَّ أمارة ليلةِ القدر أنها صافيةٌ بلجةٌ، كأن فيها قمرًا ساطعًا، ساكنة ضاحيةً لا بَرْدَ فيها ولا حَرَّ، ولا يحلُّ لكوكبٍ أن يُرمى به فيها حتى يصبِحَ، وإن أمارتَها أن الشمس صبيحتَها تخرج مستويةً ليس لها شعاعٌ، مثل القمَرِ البَدرِ، لا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معها يومئذٍ)
هذه بعض الأحاديث الشريفة التي تبين فضل ليلة القدر وعلاماتها.
الأسئلة الشائعة حول ليلة القدر
متى تكون ليلة القدر؟
تقع ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان، وهي الليلة التي يُعتقد أن القرآن نزل فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انها تقع في الليالي الوترية من العشر الأواخر، وهي ليلة 21، و23، و25، و27، و29 من رمضان
وقد ورد في الأحاديث النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم بالتحديد متى تكون ليلة القدر، لكنه أُنسيها لحكمة من الله، لتحفيز المسلمين على الاجتهاد في العبادة طوال العشر الأواخر من رمضان ولذلك، يُشجع المسلمون على البحث عن ليلة القدر والإكثار من العبادة خلال هذه الليالي، مع الأمل في أن يُصادفوا هذه الليلة المباركة التي تُعد خيرًا من ألف شهر.
الحكمة من إخفاء موعد ليلة القدر هي ليجتهد المسلمون في العبادة والدعاء والتقرب إلى الله، وليس فقط في ليلة محددة، بل في جميع الليالي الوترية من العشر الأواخر من رمضان، مما يزيد من فرص العبادة والتقرب إلى الله
كيف يمكنني الاستعداد لليلة القدر؟
- الصلاة والتهجد: الإكثار من الصلاة والتهجد في الليالي العشر الأواخر من رمضان
- قراءة القرآن: الإكثار من تلاوة القرآن والسعي لختمه
- الدعاء: الإكثار من الدعاء والاستغفار، وخصوصًا دعاء "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني"
- الصدقة: إخراج الصدقة والإحسان إلى الفقراء والمساكين
- الاعتكاف: الانقطاع للعبادة والتفرغ لذكر الله والدعاء
ويُستحب الاجتهاد في هذه الأعمال طوال العشر الأواخر من رمضان لتحري ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر. والله أعلم.
ما هي علامات ليلة القدر؟
علامات ليلة القدر تشمل ما يلي:
- صفاء السماء وشروق الشمس بغير شعاع: حيث تكون السماء صافية والجو معتدل، وتشرق الشمس في صباحها بدون شعاع
- السكينة والطمأنينة: يشعر المسلمون براحة القلب ونشاطه لأداء الطاعة، وتنزل الملائكة بالسكينة على العباد
- تكون في ليلة وتر: أي فردية في العشر الأواخر من رمضان
هذه بعض العلامات التي ذُكرت في السنة النبوية الشريفة.
ماذا يجب أن أدعو في ليلة القدر؟
في ليلة القدر، يُستحب الدعاء بما تيسر من الأدعية الصالحة والتي تعبر عن صدق النية والتوجه إلى الله بكل خضوع وإخلاص. ومن الأدعية المأثورة التي يمكن الدعاء بها ما ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- حيث قالت: “يا رسولَ اللَّهِ، أرأيتَ إن وافقتُ ليلةَ القدرِ ما أدعو؟ قالَ: تقولينَ: اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي”.[1]
وهناك أدعية أخرى يمكن الإكثار منها في هذه الليلة المباركة، مثل:
- "رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ ا…
0 تعليقات